خاف حينها وقرر الرحيل الى الذاكرة مرةَ أُخرى لكن تلك الابتسامة بدت كأنها تقول له "لا ترحل فأنت تستحق الحياة." بكل بساطة هذه الابتسامة أسرته بكل ما فيها من تفاصيل، لا بل لن أُبالغ حين أقول إنها أعادته إنسانا، أقصد أنها جعلته إنسانا لأنه لم يكن كذلك قبلها. صَدقتُها وتركت ألواني الرمادية خلفي لأصبِحَ جزئا من لوحتها زاهية الألوان. ابتسمت لابتسامتها فدبت في الحياة.
نَسي كل قواعده وقوانينه حينَ أخذت بيده، نسي كل شيء حتى جاءت تلكَ اللحظة حين لَعِبَ الواقع دوره من جديد. الواقع لطالما أجاد اختيار الوقت حين يقولُ كلمته ولطالما كانت هي الأعلى. الواقع لن يُسر بوجوده وهو أسير الذكريات، لن يُسّر بوجوده بين طياته فما كان منهُ إلا إعادته الى المنطقة الوسطى بينه وبين ذكرياته، تركه عالقا هُناك.
وها هو يجثوا على ركبتيه محاولا استراق السمع وسرقة النظرات علِّه يرى تلك الابتسامة علها تأخذه مرةَ أُخرى إلى الواقع. ألن يكف من أحلامه؟!! كيف بها أن تأخذه والواقع يضع يده على كتفه ويثقله فيغدوا غير قادرِ على الوقوف ثانيتا، كيف بها وواقعه يحفر له قبره، يتفنن في نحته، ويدفعه نحوه وهو لا حول له ولا قوة، كيف بها وهو لا يملك سوى ان ينتظر مرور الوقت أملآ أن تأخذه بعيدا ليرى ويسمع تلك الابتسامة مرة ثانية.
لنْ أكمل كلماتي عنه فهو بين الحياة والموت....